الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة
.مسألة الدار المحبسة هل يجوز بيعها: فقال: لم يجز أصحابنا بيع الحبس على حال إلا أن يكون دارا في جوار مسجد فيحتاج إليها لتدخل في المسجد ويوسع بها المسجد فإنهم وسعوا في بيعها في مثل هذا، ورأى أن يشترى بثمنها دارا مثلها فتكون حبسا. وقد أدخل في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دور كانت محبسة. قال محمد بن رشد: قد مضى القول في هذه المسألة في رسم طلق من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق. .مسألة أكرى داره خمسين سنة أو أكثر وقبض الكراء ثم مات: قال سحنون: أما حبسه على الأكابر البالغين فأراه غير جائز لأنهم لم يقبضوا- وهم ممن يقبض- حتى أغلق الكراء فيها ثم مات ولم يقم عليه. وأما الولد الصغار فإذا أشهد لهم بالحبس وهو القابض لهم ثم فعل من إغلاقها بالكراء إلى الأمد الذي لا يحوز له وإنما كان يجوز له أن يكري عليهم إلى مقدار بلوغهم ونحو ذلك، فإذا مات قبل بلوغ الصغار فإن كراءه لا يجوز إلى هذا الأمد البعيد ويفسخ ما فات منه وبعد، ويرجع الذين اكتروا بما بقي لهم من بعدهم في مال الأب إن كان له مال، وإن لم يكن له مال فهو دين يطلب به في الآخرة. قال محمد بن رشد: هذا كله بين على ما قاله، أما الكبار فلما لم يحوزهم ما حبس عليهم حتى مات وقد كان أغلق الكراء عليها وجب أن يبطل الحبس لعدم الحيازة فيه، وإن بطل الحبس وجب أن ينفذ الكراء على ورثته في الدار إلى الأمد الذي أكراها إليه، كمن أكرى داره خمسين سنة أو أكثر وقبض الكراء ثم مات. وأما الصغار فلا يبطل تحبيسه الدار عليهم بكرائه إياها المدة الطويلة إذا أشهد لهم بالحبس؛ لأنه هو الناظر لهم. وقوله: إنه يفسخ ما زاد من الكراء على قدر بلوغهم- هو على ما قاله ابن القاسم في الجعل والإجارة من المدونة من أن الأب كالوصي لا يجوز له أن يكري على ابنه أرضه وماله السنين الكثيرة التي يعلم أن الصبي يحتلم قبل انقضائها، وليس إجازته الكراء عليهم إلى بلوغهم- يريد وإن انتقد- بمعارض لما في الوصايا الثاني من المدونة أنه من أخدم عبدا حياته فلا يجوز له أن يكريه إلا الأمد القريب السنة والسنتين والأمد المأمون من أجل أن الكراء ينفسخ بموته؛ لأن ولد الصغار في هذه المسألة وإن كان ينتقض الكراء في حظ كل واحد منهم بموته ويرجع إلى إخوته وهم إلى نظره فهم بخلاف الواحد في هذا؛ لأن الغرر يخف في الجماعة فتدبر ذلك، وبالله التوفيق. .مسألة يقول ثمر حائطي حبس على فلان ولا يقول حياته ولا يجعل لذلك وقتا: قال محمد بن رشد: فإن لم يكن في الحائط ثمر يوم قال هذه المقالة فله ثمرة ذلك الحائط. قاله ابن القاسم، وتابعه عليه سحنون في رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب الوصايا فيمن قال في مرضه: لفلان ثمر حائطي ولم يقل حبسا فكيف إذا قال حبسا. ووجه ذلك: أنه إذا كان للحائط يوم قال ذلك ثمرة احتمل أن يكون أراد تلك الثمرة خاصة ولم يرد سواها، فوجب ألا يكون له ما سواها إلا بيقين، وإذا لم يكن في الحائط ثمرة ذلك اليوم وجب أن يكون له ثمرته فيما يستقبل حياته لتناول لفظه لذلك تناولا واحدا، وبالله التوفيق. .مسألة يكون حبسا على حال ما كان عليه الآخر: قال محمد بن خالد: وقد كنت سألت ابن نافع عن ذلك فلا أعلم إلا أنه قال كقوله. قلت لابن القاسم: أرأيت لو لم يكن حبسا إلا أنه حمل عليه رجلا يقضي عليه غزاته فإذا قضاها رده إلى سيده كيف يكون هذا الفرس الذي حمل عليه؟ قال ابن القاسم: يكون أنه يرجع إلى سيده؛ لأنه إنما جعل مكانه فكأنه لم يصب به. قال محمد بن رشد: هذا كما قال لأنه إنما أراد خلف الفرس المعقور، فوجب أن يكون مكانه على حاله التي كان عليها من ملك أو يحبس على رجل بعينه أو في سبيل ولا أذكر في هذا اختلافا. .مسألة أوصى لرجل بدار حبسا عليه حياته ولرجل آخر بما بقي من الثلث: قال محمد بن خالد: سئل أشهب عن ذلك فقال كقوله، قلت لأشهب: فإن كان في الثلث فضل عن الدار مثل ثمر الدار؟ قال: يعطاه الذي أوصى له ببقية الثلث، ثم إذا رجعت الدار صارت إلى الذي أوصى له ببقية الثلث. قال محمد بن رشد: هذا كما قال. وهو مما لا اختلاف فيه أحفظه؛ لأن الدار إذا كانت كفاف الثلث فمرجعها هو بقية الثلث، وإن كان في الثلث فضل عنها فللموصى له ببقية الثلث ذلك الفضل والدار إذا رجعت؛ لأن مرجعها من بقية الثلث، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى فقال ما بقي من ثلثي فهو لفلان ثم لم يوص بأكثر من ذلك حتى مات: قال محمد بن خالد: قال داود بن سعيد: لا شيء له مثل قول ابن القاسم. قال محمد بن رشد: وقعت رواية محمد هذه عن أشهب في بعض الكتب وسقطت من بعضها والصواب ثبوتها؛ لأن رواية داود بن سعيد بعدها لا تصح أن تعطف على المسألة التي قبلها. ووقعت رواية محمد هذه عن أشهب في سماعه أيضا من كتاب الوصايا وفي بعض الروايات فيها مكان ثلث الميت ثلث الثلث. فقيل: إن ذلك غلط في الرواية وتصحيف فيها. وقيل: إنه اختلاف من قول أشهب. وقول ثالث في المسألة على ذلك حمله ابن حارث في كتاب الاتفاق والاختلاف له. ولمالك مثل قول ابن القاسم أنه لا شيء له في رسم أسلم ورسم أوصى ورسم بع من سماع عيسى من كتاب الوصايا. ووجه ذلك: أنه قد كان مجمعا على أن يوصي ولا يدري لو أوصى هل كان يفضل من الثلث شيء أم لا، ولا تكون الوصايا بالشك كما لا يكون الميراث بالشك. ووجه قول أشهب: أنه لما لم يوص بشيء بعد أن جعل لهذا ما بقي من الثلث فقد أبقى له جميع الثلث؛ فلكلا القولين وجه. وأما أن يكون له ثلث الثلث على ما وقع لأشهب في بعض الكتب فهو بعيد لا حظ له في النظر، ولو قيل: إنه يكون له نصف الثلث لكان قولا له وجه؛ لأنه يقول لي جميع الثلث؛ لأن الميت لما لم يوص فيه بشيء فقد تركه كله لي، ويقول له الورثة: لا شيء لك إذ لم يوص فيعلم ما يبقى لك بعد وصاياه، فيقسم بينهما الثلث بنصفين على هذا الوجه، وبالله التوفيق. .مسألة قال خذوا من مالي مائة فأنفقوها في داري التي حبست في سبيل الله فاستحقت الدار: قال محمد بن رشد: يريد أنه كما ترد إذا لم ينفق إلى الورثة، فكذلك يرد إليهم ما أخذ من المستحق إن كانت قد أنفقت؛ لأنهم لما كان لهم أن يأخذوا من المستحق ما أنفقه في الدار أو قيمة البنيان قائما على الاختلاف المعلوم في ذلك فكأن المائة قائمة، وبالله التوفيق. .مسألة الرجل يسكن الرجل الدار عشرين سنة ثم المرجع إليه فيبيع المرجع: قال محمد بن رشد: وقع في بعض الروايات مكان أو سكنى قرية مأمونة: أو سكنى قريبا مأمونا. والمعنى في الروايتين صحيح؛ لأن قوله: أو سكنى قرية مأمونة، يريد: من تغير بنائها إلى الحد الذي استثناه، وأما قوله أو سكنى قريبا مأمونا فلا إشكال في معناه. وقد مضى القول على هذه المسألة في رسم البيوع الأول من سماع أشهب. وذكرنا هناك ما فيها من الاختلاف ووجهه فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق. .مسألة حبس داره على رجل فقال لا تباع ولا توهب ثم بدا له أن يبتلها: قال أصبغ: وسمعت ابن وهب: وسئل: عن رجل حبس داره على رجل، فقال: لا تباع ولا توهب، ثم بدا له أن يبتلها، فقال له: هي عليك صدقة، فقال: هي له يصنع فيها ما يشاء، فروجع فيها، وقال: إنه لم يقل ذلك، إنما قال: هي حبس عليك أو قد حبستها عليك لا تباع ولا توهب، ثم بدا له، فقال: الذي حبست عليك هو صدقة عليك إنما أبتله لك الساعة فهو له يصنع به ما شاء، وذلك جائز لأنه يجوز له أن يتصدق بماله. قال أصبغ: ولا يقول ذلك ويقول هي حبس أبدا ومجراها مجرى الحبس المؤبد بعد موته، قيل له: فإن قال حبس عليك وعلى عقبك ثم أراد أن يبتلها له الساعة، فقال: لا يجوز له ذلك إذا أشرك معه غيره فليس ذلك له ولا يجوز. قال محمد بن رشد: قول أصبغ يأتي على قول مالك في المدونة لأنه لم يختلف قوله فيها أنه إذا قال حبسا صدقة أو قال حبسا لا يباع أنها لا ترجع إلى المحبس ملكا، وإنما ترجع إلى أقرب الناس بالمحبس حبسا فإذا لم ترجع إليه على قوله فيها ملكا فلا يجوز له أن يبتلها ويبطل المرجع إذ قد انبتت منه ووجب المرجع لأقرب الناس حبسا عليه كما قال أصبغ. وعلى قول مالك في مختصر ابن عبد الحكم أنها ترجع إليه ملكا. وإن قال حبسا صدقة يجوز له أن يبتلها. وإن قال: لا تباع ولا توهب؛ لاحتمال أن يكون أراد بقوله صدقة أي صدقة عليه ما عاش وأن يكون أراد بقوله لا تباع ولا توهب أي لا تباع ولا توهب ما عاش. فلم ير على ما في كتاب ابن عبد الحكم من قول مالك، وهو مثل قول ابن وهب هذا لن يرتفع ملك المحبس عن الحبس إذا حبسه على معين إلا بيقين، فقول ابن وهب وأصبغ جاريان على اختلاف قول مالك، وبالله التوفيق. .مسألة قال داري لفلان يسكنها أيستغلها: قال محمد بن رشد: هذا كما قال إنه إذا قال يسكنها فله أن يستغلها وإذا قال يستغلها فله أن يسكنها لأنه قد أباح له منفعتها في الوجهين فله أن يأخذها كيف شاء إن شاء بسكناه فيها وإن شاء باستغلاله لها، وأما إن حبسها على أن يسكنها أو على أن يستغلها بشرط فلا يكون له أن يخالف ما شرط عليه فيها من السكنى والاستغلال، إذ قد يكون له غرض فيما اشترط من ذلك عليه، فيلزمه الشرط لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا». .مسألة قال داري لفلان يسكنها وفلان يستغلها ولفلان رقبتها: قيل: فمات أحدهما صاحب الغلة؟ قال: إذا مات أحدهما رجع نصيبه إلى صاحب الرقبة. قيل: فإن كانت الدار هي الثلث، قال: كيف يكون الثلث؟ قال السائل: أوصى فقال: داري لفلان يسكنها وفلان يستغلها ولفلان رقبتها، فإذا هي الثلث سواء، فتوفي صاحب الغلة أو السكنى، فقال: نعم أما إذا مات أحدهما رجع نصيبه إلى الذي جعلت له الرقبة؛ لأنه بمنزلة صاحبها لو كان حيا. قال محمد بن رشد: معنى قوله لفلان يسكنها وفلان يستغلها أن يكون للذي جعل له سكناها أن يسكنها بقيمة سكناها، فيكون الكراء للذي جعل له استغلالها، فإن مات صاحب الغلة رجع نصيبه إلى صاحب الرقبة كما قال؛ لأنه إنما جعل له استغلالها طول حياته لا أكثر، وإن مات صاحب السكنى رجع ما كان من الحق له في ذلك إلى صاحب الرقبة على ما قاله في آخر المسألة إذا كان ذلك في وصية فيتحمل الدار الثلث، إذ لا فرق بين أن يقول ذلك في صحته أو في وصيته، فيحمل الدار الثلث. ولم يجر في انهدام على أصل؛ لأنه قال: إن بناها صاحب السكنى والغلة سكن هذا واستغل هذا على ما كانا عليه، ورجعا بنفقتها على صاحب الرقبة، وإن بناها صاحب الرقبة كان له أن يستوفي نفقته من غلتها فجعل البنيان إذا بناها صاحب صاحب الغلة على صاحب الرقبة إذ أوجب له الرجوع عليه. وإذا بناها صاحب الرقبة على صاحب الغلة إذ أوجب له أن يستوفي نفقته من غلتها وإنما في المسألة قولان على ما في كتاب الجنايات من المدونة في الرجل يوصي بخدمة عبده لرجل وبرقبته لآخر فيجني العبد جناية، أحدهما أن البنيان على صاحب الرقبة فإن بناها هو لم يكن له سبيل إلى الدار حتى يموت صاحب الغلة، وإن بناها صاحب الغلة كانت له الغلة على حالها ورجع بنفقته على صاحب الرقبة. والقول الثاني: أن البنيان على صاحب الغلة فإن بناها هو اغتل على ما كان له من حقه، ولم يكن له رجوع على صاحب الرقبة بشيء من نفقته، وإن بناها صاحب الرقبة كان له أن يستوفي حقه من كرائها. وعلى القول بأن البنيان على صاحب الغلة يكون هو المبدأ بالتخيير بين أن يبني أو يترك، ويختلف على القول بأن البنيان على صاحب الرقبة هل يكون هو المبدأ بالتخيير بين أن يبني أو يترك أو صاحب الغلة. والقولان قائمان من المدونة من مسألة العبد المخدم التي ذكرناها. فهذا وجه القول في هذه المسألة، وبالله التوفيق. .مسألة يحبس الدار على فقراء بني فلان فيستغنوا: قال: ينزع منهم وترجع إلى عصبة المحبس، فقيل: له ابنة واحدة؟ فقال: ليس النساء عصبة إنما ترجع إلى الرجال، قيل له: فافتقر بعض بني فلان؟ قال: تنزع من العصبة وترد إليهم. قال أصبغ مثله، إلا قوله في البنت فهي عصبة لأنها لو كانت رجلا في مرتبتها كانت عصبة، وأراه كله له. قال محمد بن رشد: قوله إذا حبس الدار على بني فلان فاستغنوا إنها ترجع إلى عصبة المحبس صحيح؛ لأنهم غير معينين، فإنما قصد الفقر والحاجة لكثرة الأجر في ذلك دون التعيين، ولو عين المحبس عليهم وسماهم فقال هذه الدار حبس على فلان وفلان وفلان الفقراء من بني فلان فاستغنوا لم تنتزع منهم، وكانوا أحق بها وإن استغنوا بطول حياتهم؛ لأن قوله الفقراء إذا سماهم إنما هو زيادة في بيان التعيين لهم بما وصفهم به، كما لو قال الجمال أو العمال أو العلماء أو الحلماء لم يسقط حقهم بانتقالهم من تلك الصفة إلى غيرها. فلا يبعد دخول الاختلاف في تحبيس الرجل داره على الفقراء من بني فلان بأن يحكم لهم بحكم التعيين فلا يسقط حقهم باستغنائهم لاسيما إذا علم المحبس منهم الفقير من الغني كما قال ابن الماجشون فيمن حبس على ولده إنه يساوي بينهم في الحبس وإن كان بعضهم فقراء وبعضهم أغنياء. وعلى قول من قال: إن من مات منهم بعد طيب الثمرة فقد وجب حقه فيها لورثته. وقد ذكرنا ذلك والاختلاف فيه في أول رسم من سماع ابن القاسم. وأما قوله إن النساء لسن عصبة، فهو خلاف مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك. وقد مضى تحصيل ذلك في أول رسم من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى في مرضه فقال داري حبس على ولدي وعلى امرأتي: قال محمد بن رشد: هذا كما قال أصبغ إن له تفسيرا لأنه حبس في وصيته على وارث وغير وارث، فوجب أن يكون ما ناب الوارث من الحبس بين جميع الورثة إلا أن يجيزوا ذلك له، حكم من حبس في مرضه على ولده وولد ولده وقد مضى الكلام على ذلك في رسم القطعان من سماع عيسى، وفي سماع يحيى، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى فقال داري على ولدي وعلى فلان أخي حبس كيف يقسم: قال محمد بن رشد: هذه مسألة مثل التي فوقها والقول فيها ما قال أصبغ؛ لأنه حبس في مرضه على ولده وولد ولده. وقد مضى القول على ذلك في رسم القطعان من سماع عيسى وفي سماع يحيى، وبالله التوفيق. .مسألة أعتق أمته ثم تزوجها ثم قال داري حبس على موالي: قلت له: إنها وارث، قال: متى قال ذلك في الصحة منه؟ قلت: نعم. فقال: الرجل يصنع في ماله ما شاء وقد حبس ابن عمر على امرأته. قلت: فإن قال ذلك في وصيته؟ قال: في هذا شيء. قلت: فأي شيء ترى في هذا؟ قال: أرى أنها من مواليه. قلت: إن تقاسما أليس لها الثمن؟ قال: تأخذ الثمن وترجع تأخذ مع الموالي فيما صار لهم ويدخل الورثة معها فيما صار لها مما أخذت مع الموالي على فرائض الله، فإن مات أحد من الورثة فورثته بمنزلته ما عاشت حتى تموت، فإذا ماتت انقطع حقوق الورثة ورجع الذي كان لها إلى الموالي الذين حبس عليهم. قال أصبغ: جيدة صحيحة. قال محمد بن رشد: هذه مثل المسألتين اللتين فوقها؛ لأنه إذا حبس على مواليه وامرأته من مواليه لأنه اعتقها ثم تزوجها فقد حبس على وارث وغير وارث فوجب أن يدخل سائر الورثة معها فما نابها من الحبس مع الموالي حتى تموت فيرجع ذلك كله إلى الموالي. فقوله: إن تقاسما أليس لها الثمن، قال: تأخذ الثمن، معناه: أنها تأخذ الثمن مما تخلفه زوجها سوى الدار، ثم ترجع فتأخذ مع الموالي ما يجب لها من الدار المحبسة إذا قسم الحبس عليها وعلى سائر الموالي لأنها من الموالي فيما نابها منه على عددهم دخل جميع الورثة عليها فيه، فيكون لها منه الثمن إن كان لزوجها الموصي ولد أو الربع إن لم يكن له فإن مات أحد من الورثة فورثته بمنزلته ما عاشت حتى تموت، فإذا ماتت انقطع حقوق الورثة ورجع الذي كان لها إلى الموالي الذين حبس عليهم كما قال، يريد ويرجع أيضا سائر ما بأيدي الورثة من الدار المحبسة عليهم لانقطاع حقوقهم منها بموت الزوجة. فهذا تفسير ما في الرواية من مشكل ألفاظها، والله الموفق. .مسألة قال غلامي فلان حبس على فلان فإن مات فهو حر: قال: وسمعت ابن القاسم: وسئل: عن رجل قال غلامي فلان حبس على فلان فإن مات فهو حر، وإن مت فهو حبس على فلان أو صدقة على فلان أو قال: فرسي هذا حبس على فلان فإن مت فهو في سبيل الله، ثم لم يزل العبد في يديه والفرس حتى هلك. قال: أرى أن يعتق الغلام في الثلث بعد موته ويخرج الفرس في سبيل الله بعد موته من الثلث أيضا. قال محمد بن رشد: أما إذا لم يخرج الغلام أو الفرس من يد المحبس حتى مات كما قال في الرواية، أو كان قد دفعها إليه فرجع إليه بموته على حكم التحبيس على معين فلا اختلاف في أنه يكون بعد موته من الثلث في الوجه الذي جعله فيه، وأما إن دفعه إلى المحبس عليه فمات المحبس وهو في يد المحبس عليه. فاختلف هل يكون من رأس المال أو الثلث، ذهب ابن لبابة إلى أنه يكون من رأس المال. والصحيح أنه يكون من الثلث حسبما مضى القول فيه في أول سماع ابن القاسم. .مسألة حبس داره على قوم حياتهم فلما انقرضوا رجعت الدار: قال محمد بن رشد: أما الأخت للأم فلا مدخل لها في مرجع الحبس باتفاق إلا أن تكون من بنات العم، فقوله إن بنات الأخ أولى منها يبينه قوله بعد ذلك إنه لا يرجع إليها من الدار شيء وإن لم يكن له غيرها. وكذلك الخالات وبنو الأخوات. وأما الأخوات الشقائق والتي لأب فيدخلن في مرجع الحبس على اختلاف قد مضى تحصيله في أول سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق.
|